الإفراج الشرطي أو الافراج المقيد بشروط 

الإفراج الشرطي أو الافراج المقيد بشروط هو وسيلة استعملتها النظم العقابية للحد من الإبقاء على المحكوم عليهم مدة في السجن لفترات طويلة قد تعيق عملية التأهيل، والتي هي الهدف من إدخال السجين إلى المؤسسات السجنية، وبمقتضى هذا النظام يتم إخلاء سبيل المحكوم عليه قبل انتهاء المدة المحكوم بها متى تبين أن سلوكه تحسن وأنه أصبح مؤهلا للاندماج في المجتمع.

وقد عرفه البعض بأنه إطلاق صراح المحكوم عليه بعقوبة سالبة للحرية قبل انقضاء كل مدة عقوبته إطلاقا مقيدا بشروط تتمثل في التزامات تفرض عليه وتقيد من حريته، وتتمثل كذلك في تعليق للحرية على الوفاء بهذه الالتزامات.

 ويرجع الأصل في ابتداع مؤسسة الإفراج الشرطي أو المقيد بشروط إلى الفرنسي بونفاي دو مرسنجاي

BOUNNEVILLE DE MARSANGY) الذي كان قاضيا. وقد صدر أول قانون منظم للإفراج الشرطي في فرنسا في 14 غشت 1885، أما في المغرب فقد أدخلت هذه المؤسسة بمقتضى ظهير فاتح يوليوز 1932 قبل أن تصبح منظمة في مجموعة القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية[15].

وقد اختلفت الآراء في تكييف الإفراج الشرطي، ففي الوقت الذي اعتبره البعض عملا قضائيا لأنه ينطوي على مساس بالقوة التنفيذية للحكم ويدخل تعديلا عليه من حيث تحديد مدة معينة للعقوبة، ذهب البعض الآخر - وهو الطرح الذي نتماشى معه – إلى اعتباره عملا إداريا، لأنه في حقيقته تعديل للمعاملة العقابية كي تتلاءم مع التطور الذي طرأ على شخصية المحكوم عليه.

ولا يعتبر الإفراج الشرطي إنهاء لتنفيذ العقوبة ولا وقفا لتنفيذها أو سبب لانقضائها، وإنما هو تعديل لأسلوب تنفيذها [16]، وبالتالي فالعقوبة لا تنقضي إلا بانتهاء المدة المحددة لها في الحكم. كما أنه يمكن إلغاء الإفراج الشرطي في أية لحظة إذا أخل المحكوم عليه بشروط الإفراج. كما أنه ليس من حق المحكوم عليه أن يطالب به أن شرطه متوفرة فيه، ذلك أنه يعتبر مكافأة من الإدارة للمحكوم عليه على حسن سلوكه وإعداده للحياة الحرة بالمجتمع.

لاستفادة المحكوم عليه من نظام الإفراج المقيد بشروط يتعين توفر شروط تتمتل في:

أن تظهر على سلوك المحكوم عليه علامات توحي بأن سلوكه قد استقام، وهو ما نصت عليه المادة 622 من ق.م.ج " ... الذين برهنوا بما فيه الكفاية على تحسن سلوكهم" ألا يكون الإفراج على المحكوم عليه فيه خطر على النظام العام، أن يقضي المحكوم عليه مدة معينة من العقوبة السالبة للحرية داخل السجن،أن يوفي المحكوم عليه بالتزاماته المالية.

وبعد توفر الشروط المذكورة أعلاه يتعين سلوك مسطرة معينة تبتدأ بإعداد لائحة اقتراحات الإفراج المقيد بشروط إما تلقائيا أو بناء على طلب المعني بالأمر أو عائلته أو بناء على تعليمات وزير العدل أو مدير مؤسسة السجون أو بمبادرة من قاضي تطبيق العقوبة، ويتعين دراسة وضعية كل معتقل يمكن أن يقترح للاستفادة من الإفراج المقيد بشروط، ويوجه رئيس المؤسسة السجنية هذه الاقتراحات بعد تضمينها رأيه المعلل إلى مدير مؤسسة السجون وإعادة الإدماج الذي يتممها ويعرضها على لجنة الإفراج المقيد بشروط. ويمنح قرار الإفراج المقيد بشروط من طرف وزير العدل بناء على رأي اللجنة المذكورة.

ويطرح هذا الموضوع إشكالية هامة تتمثل فيما إذا كان الإفراج الشرطي يتطلب رضا المحكوم عليه أم لا ؟

لقد اختلف الفقه في الإجابة عن هذا التساؤل بين من يقول بضرورة توفر رضا المحكوم عليه، وبين من لا يشترط رضاه.

الاتجاه الأول:

لا يشترط رضا المحكوم عليه،حيث أن رضا المحكوم عليه لا يعد شرطا للإفراج عنه، وبالتالي يجوز للجهة المختصة بالإفراج أن تقرره، ولو كان المحكوم عليه رافضا له مفضلا البقاء داخل المؤسسة العقابية، حيث انه في جوهره أسلوب عقابي ابتغى من وراءه المشرع تمهيد السبيل أمام المحكوم عليهم ليندمجوا تدريجيا في الوسط الحر، وبالتالي فان تطبيقه لا يتوقف على إرادة المحكوم علية قبولا أو رفضا، منها التشريع المصري، والتشريع الليبي، والتشريع السوري، والتشريع العراقي.


الاتجاه الثاني:

اشتراط رضا المحكوم عليه، حيث أن تطبيق الإفراج الشرطي يعتبر تطبيقا لنوع من المعاملة العقابية التي تهدف إلى تأهيل المحكوم عليه؛ ومساعدته على التكيف مع المجتمع، وإذا كان تطبيق هذه المعاملة امراً إلزاميا بالنسبة للمحكوم عليه، إلا أن عدم رضائه يضعف الأمل في إمكان جدوى تطبيق هذا النوع من المعاملة عليه تحقيقا لتأهيله، ولذلك اشترطت بعض التشريعات تحقق رضا المحكوم عليه كشرط للإفراج الشرطي منها: التشريع الفرنسي، والتشريع الألماني.

Post a Comment

أحدث أقدم