التكوين المهني بالمؤسسات السجنية و ادماج السجناء

 تماشيا مع الفلسفة الحديثة لمفهوم المعاملة العقابية وتحقيقا للفلسفة التقويمية التي وتدعو لرعاية النزلاء الأحداث و الكبار،اهتمت الإدارة الوصية على القطاع  بتوفير مراكز بيداغوجية لاستفادة هده الفئة من  المواطنين السجناء من برامج التكوين المهني لاعتباره مؤشرا مهما  لإبراز العناية بهم  كما يعد من أهم الآليات المعتمدة في التشريع المغربي بصريح الفصول من 122الى 124 من قانون 23/98 وأيضا المادة 38 من المرسوم التطبيقي له.

وعليه فمن أولى الأولويات اعتماد فصول دراسية خاصة بالتكوين المهني في كل المؤسسات خصوصا مراكز الإصلاح والتهذيب لما للتكوين المهني من أدوار في تأهيل النزلاء وذلك بتمكينه من مؤهلات وكفاءات مهنية تساعده على كسب قوته وتطوير وسائل إنتاجه من خلال  تلقينهم مهنة تدعم ثقته بنفسه وتفتح له في حيز زمني قصير نسبيا مجال الحصول على كسب يقيه من العوامل المادية المؤدية إلى الانحراف،كما يساعده على ملء الفراغ وتنظيم الوقت،وهكذا يتم تعويد السجناءعلى الاعتماد على أنفسهم و تنظيم أمور حياتهم وبالتالي إبعادهم عن الجريمة ونزع النزعة الإجرامية منهم  ،إضافة إلى ان المجتمع يستفيد من طاقتهم الإنتاجية في الأعمال المنتجة التي ترجع بالفائدة على المجتمع .

           انطلاقا من إقرار المشرع التكوين المهني حسب الفصل122 والذي نستخلص منه أن المشرع ألتزم بضرورة تشجيع المعتقلين على التكوين المهني ومنحهم تكوينا  يتماشى مع سوق الشغل،وذلك بإحداث البنيات التحتية وتوفير الأطر اللازمة،ولهذه الغاية فقد عملت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج على إحداث وتجهيز مراكز بيداغوجية مؤهلة بعدد من المؤسسات لتكوين النزلاء في عدة شعب مختلفة، وتمكنهم من اكتساب مهارات وحرف،تساعدهم عند الإفراج على الانخراط في سوق العمل وتحقيق الاندماج السوسيومهني والاقتصادي بشكل يحقق الأمن العام للمجتمع ويحتوي السجناء الذين استفادوا من إعادة الإدماج وذلك لا يتأتى إلا بالإيمان بفلسفة إعادة التأهيل عبر تسليح السجناء وتمكينهم من معرفة مهنية عند خروجهم من المؤسسة السجنية تمكنه من العثور على عمل شريف ووسيلة كسب مشروعة،فتنتفي لديه سبل البحث عن أسباب العيش بطرق غير مشروعة وهذه هي أهداف العملية الإدماجية .

     إن الهدف من تقسيم المؤسسات السجنية  الى سجون فلاحية تتولى تكوين نزلائها تكوينا مهنيا فلاحيا،وسجون محلية تتولى تلقين السجناء تكوينا  مهنيا حرفيا بالإضافة إلى تخصيص هذه الفئة بمراكز الإصلاح والتهذيب وذلك  لتأهيل الجانحين من الأحداث هو تحقيق الإدماج .تجدر الإشارة كذلك ان مناهج هذا التكوين المهني والحرفي وظروف العمل فيه تتماثل وتتفق مع تلك المطبقة في الوسط الخارجي حتي لا يجد المتعلم خلافا بين ما تعلمه داخل السجن وما يطبقه خارجه،تسهيلا لعمليه انخراطه واندماجه.

          كما ان المادة 123 حددت شروط الاستفادة من التكوين المهني وتبقى المادة124 من المرسوم التطبيقي أهم هده المواد التي تعكس أهمية التكوين المهني من خلال إدماج السجناء المفرج عنهم بإحدى مراكز التكون في حالة الإفراج عنه من داخل المؤسسة السجنية ،مما سبق يتضح أن هذه النصوص دعامة أساسية لإطلاق برامج فعلية وهادفة في المؤسسات المزمع إنشاؤها كما هو الشأن بالنسبة للمؤسسات التي راكمت تجارب في المجال وهذا كله من أجل تأهيل وإدماج النزلاء بصفة عامة والأحداث بصفة خاصة عن طريق إكسابهم مهارات وحرف يستطيعون من خلالها التأقلم داخل المجتمع وبأن يعيشوا حياة عادية خالية من الانحراف والإجرام.

        وما تجدر الإشارة إليه أن برنامج التكوين المهني أسفر عن نتائج مهمة ليس فقط لنزلاء المؤسسات السجنية ولكن أيضا لأسرهم بصورة مباشرة أو غير مباشرة، ويلعب دورا هاما في ضمان الأمن والاستقرار بالمؤسسات السجنية لاستغراق الأحداث في برنامج تكويني في تلقين حرفة تمكنه من تجاوز مشكل العود للجريمة وظروف سلب حريتهم كما تحول طاقاتهم الى طاقات منتجة في المؤسسة الغرض منها التأهيل وإعادة الإدماج.

        لا شك  في أن التركيز على هذا البرنامج ينبع أساسا من الأهمية القصوى التي توليها له المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج ما يسهم في تجسيد وبلورة الفلسفة الإصلاحية  القائمة على إعادة السجناء إلى النسق الاجتماعي العام وذلك بتمكينه من تعليم مهني يستجيب لحاجياتهم المستقبلية ويراعي أحوالهم الاجتماعية ويمكنهم من التكيف الاجتماعي والتوافق النفسي واسترداد مكانتهم في المجتمع واحترام الآخر لهم.

اقرأ المزيد:

https://www.blogger.com/blog/post/edit/4613029747785899670/1568869862059986849

ماهي مهام حارس السجن او مراقب مربي ؟

اعادة إدماج السجناء من خلال قانون السجون 98/23 والمرسـوم التطبيقي له

التهذيب الديني والأخلاقي للسجناء بالمؤسسات السجنية

قانون 98/23 المنظم للسجون و اعادة الادماج و التأهيل

1 تعليقات

إرسال تعليق

أحدث أقدم