اعادة ادماج السجناء من خلال المواثيق الدولية

اذا كانت ملاءمة السياسة العقابية الحالية لسياسة الاصلاح الرامية الى اعادة ادماج النزيل بعد الافراج تعد اولوية وضرورة ملحة في هذا الظرف، فان ما لا يجب اغفاله هو الاهتمام بالمؤسسات السجنية وتمكينها من المؤهلات المادية والموارد البشرية اللازمة ، اذ حتى عهد قريب ، لم يكن المجال مهيئا للتفكير في المجرم كانسان له ادمية، ومواطن له حقوق وعليه وجبات بقدر ما كان التفكير موجها بالدرجة الاولى الى تحقيق الردع الخاص والردع العام، من خلال عقابه على سلوكه باجرءات تجمع ضروبا من العقاب الشديد والايلام البدني والنفسي والمعنوي والاخلاقي،اذ على قدر جسامة الجرم كانيتم انزال الالم ، وعليه كان التركيز على العقوبة كخيار اساسي في التعامل مع المدنيبين والمجرمين دون النظر الى اهمية وضرورة اعادة تاهيل النزلاء واصلاحهم.

وخلال القرن التاسع عشر، ولما انتظمت الفلسفة العقابية ،ومع تطور الفكر الاجتماعي الانساني ، نشطت الحركات الاصلاحية في هذا الباب ، لان التدابير العقابية والجزاءات بمفردها اصبحت غير مجدية، بل يتطلب الامر الى جانب ذلك اتخاد مجموعة من الاجراءات والتدابير ذات الجوهر الاصلاحي والعلاجي والتاهيلي الهادف الى تعديل السلوك واسترجاع الجاني المنحرف الى جادة الصواب.

وهكذا عرف العالم تطورا كبيرا في اتجاه سياسة الاصلاح بدل العقاب وبروز المؤسسات الاصلاحية خاصة بالحداث المنحرفين تجنيبا من الاختلاط بالسجناء الكبار ، ومعاملتهم بشكل تربوي تهديبي لا كمجرمين يستحقون العقاب وهدا ما جعل السياسة العقابية المتبعة في علاجهم تقوم على فلسفة الادماج والتاهيل ،حيت اعتمدت على عدة اليات لاصلاح سلوكهم واعادة ادماجهم في المجتمع مع احترام كرامتهم وحقوقهم.

وفي هذا الصدد جاءتالاتفاقيات والقواعد الدولية تناشد التشريعات الوطني بإعادة ادماج الاحداث بهدف تهيئهم ورعايتهم من اجل ضمان عودتهم الى المجتمع، ودلك باللجوء الى المؤسسات الاصلاحية الا كملاذ اخير استنادا من الاصل وهو علاجهم في وسط قريب من البيئة الاجتماعية، وقد نصت على دلك اتفاقية حقوق الطفل في المادة 13 وكذلك القاعدة 19  من قواعد بكين بالاضافة الى المادة الاولى (19)من قواعد الامم المتحدة لحماية الاحداث المحرومين من حرياتهم .

كما نصت القواعد النمودجية لمعاملة السجناء الصادرة سنة,1950 بعدة حقوق وضمانات للسجناء بصفة عامة والاحداث بصفة خاصة ، حيث افردت للحدث في ديباجة الاتفاقية على عدة ضمانات وحقوق، تماشيا مع بنود وقواعد حقوق الانسان حيث اكد على ضرورة الحياد والمساواة بين جميع السجناء ، دون اي تميز او حيف لاي سبب بالاضافة الى ضرورة الاعتناء باماكن الاعتقال ، وضرورة توفرها على كل المرافق الصحية الضرورية ومن خلال الديباجة نلاحظ ان مجهودات المجتمع الدولي قد اسفرت عن نتائج مهمة  غيرت من نظرة العالم للسجين والمعاملة العقابية له ككل،حيث اصبحت فلسفة التاهيل واعادة الادماج هي القائمة بدل فلسفة الردع والانتقام ،وجعلت من تاهيل الحدث الجانح واعادة ادماجه من الحقوق اللازمة على الدولة تحقيقها .

وبالتالي فالمجتمع الدولي من خلال ترسانته القانونية اهتم بمبدا اعادة ادماج وتاهيل الاحداث الجانحين.


1 تعليقات

إرسال تعليق

أحدث أقدم