أثر المهارات المعرفية لموظفي السجون على عملية الإدماج
تتلخص مهام إدارة السجون وإعادة الإدماج في تنفيذ القرارات والأحكام القضائية وفي تأهيل المعتقلين لمساعدتهم على إدماجهم في المجتمع. وعيه فقد عملت المديرية لبلوغ مراميها منذ الاستقلال على تحسين ظروف الموظفين فقد أصدرت سنة 1974 على إصدار قانون لموظفي المؤسسات السجنية ينظم كيفية توظيفهم مؤكدا على ضرورة اجتيازهم تكوينا نظريا وتطبيقيا. فأنشأت لهذه الغاية مركزا لتكوين أطرها الشيء الذي ساعد على الرفع من المستوى المعرفي والمعنوي والمادي للموظف التابع لها.
ولتوفير الأطر التقنية بالمؤسسات قامت المديرية بتكوين عدد من موظفيها بالمعاهد التابعة لوزارة التشغيل والتكوين المهني والتنمية الاجتماعية والتضامن وبمدارس الممرضين التابعة لوزارة الصحة.
وللرفع من خبرة مديري المؤسسات السجنية والأطباء الملحقين بها تنظم المديرية حلقات وأيام دراسية وتداريب بالخارج. كما أبرمت في هذا النطاق اتفاقية شراكة مع كلية علوم التربية تم بموجبها تأطير عدد من موظفي المديرية الموجزين لنيل دبلوم الدراسات العليا المتخصصة في علوم التربية حتى يكونوا بمثابة أداة فعالة لتوعية باقي الموظفين بمهمته التربوية أثناء تكوينهم وإعادة تكوينهم بمركز تكوين الأطر التابع للمديرية. كما عملت مديرية السجون على إنشاء مركز تكوين أطر إدارة موظفي إدارة السجون. وذلك بهدف الرفع من خبرة ومهارات الموظفين، حيث يعتبر هذا المركز من المؤسسات التعليمية والتكوينية الهامة، التي أنشأتها وزارة العدل لتكوين المراقبين المربين، والمراقبين المساعدين. والمراقبين الرؤساء وموظفي التسيير. وذلك بهدف تأطير المؤسسات السجنية بموظفين مختصين في شؤون المؤسسات السجنية بموظفين مختصين في شؤون التسيير الإداري والإشراف السجني. ويوجد مقره في مدينة الرباط.
ويشرف على المركز مدير معين بقرار وزيري صادر عن وزارة العدل، وتسند إليه مسؤولية التسيير والإشراف على شؤون التعليم والانضباط داخل المركز.
ثم إن التكوين في هذا المركز يتم على عدة مراحل وذلك بغية استكمال الخبرة، والتكوين ويمكن أن نقسم هذه المراحل إلى :
مرحلة تكوين المراقبين المربين. ومرحلة تكوين المراقبين الرؤساء المساعدين والمراقبين الرؤساء. ثم المرحلة الأخيرة هي المخصصة لتكوين موظفي التسيير وتستمر مدة التكوين في كل مرحلة من هذه المراحل ستة أشهر. وعند نهاية كل مرحلة من مراحل التكوين يبعث مدير المركز إلى مديرية السجون تقريرا موضحا فيه الدرجات الممنوحة للمرشحين. وبناء على هذه الدرجات يرسم المرشحون الناجحون.
وتنظم من جهة أخرى داخل المركز تداريب لاستكمال الخبرة لصالح موظفي إدارة السجون وذلك بغرض تمتين تكوينهم المهني وتهييئهم للامتحانات والمباريات الخاصة بالأسلاك التي في إمكانهم التدرج فيها خلال حياتهم الإدارية، أما مدة هذه التداريب واستكمالها وتنظيمها فيرجع تحديده إلى مديرية السجون نفسها.
في الحقيقة تبقى عملية تأهيل السجين وتأطيره رهينة في إيجاد موظفون على مستوى كبير من الوعي بحقوق الإنسان بصفة عامة والسجين بصفة خاصة، مما يقتضي ضرورة إرفاق هذا الاعتراف، بإيجاد موظفين ومؤطرين مؤهلين للقيام بهذه المهمة، فعملية التأهيل والإصلاح هي عملية في غاية التعقيد والأهمية، لذا فإن مؤهلات الموظف المكلف بتربية السجين وتأهيله تشكل في نظرنا حجر الأساس التي تنبني عليها المعاملة العقابية.
ونظرا لأهمية المهام المنوط بموظفي السجون، فقد حثت القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجين إدارة السجناء وفقا للقاعدة 46، بالعمل على انتقاء موظفيها على اختلاف درجاتهم بكل عناية، إذ أن نجاح عملية التنفيذ متوقفة على مدى نزاهة وكفاءة موظفي هذه المهنة، وكذلك على قدراتهم الشخصية للعمل. مما ينبغي رفع حس المسؤولية لديهم وإقناعهم والرأي العام بأي ما يقومون به من جهد، يشكل خدمة اجتماعية في غاية الأهمية.
وبغية تحقيق الأهداف السالفة الذكر، تشير الفقرة الثالثة من هذه القاعدة أنه يعين موظفو السجون على أساس العمل طوال ساعات العمل المعتادة بوصفهم سجون منحرفين، ويعتبرون موظفين مدنيين يضمن لهم بالتالي أمن العمل دون أنه يكون مرهونا إلا بحسن السلوك والكفاءة واللياقة البدنية، ويجب أن تكون الأجور من الكفاية بحيث تجتذب الأكفاء من الرجال والنساء، كما يجب أن تحدد مزايا احترافهم وظروف خدمتهم على نحو يراعي طبيعة عملهم المرهقة.
كما أن القاعدة 47، تشترط في موظفي السجون بأن يكونوا على مستوى وقدر كاف من الثقافة والذكاء، ذلك أن التعامل مع المحكوم عليه والعمل على إقناعه للتراجع عن أخطائه الإجرامية التي تسببت في اضطراب المجتمع، تتطلب في القائم بهذا العمل الشاق والمرهق بأن يكون لديه من المؤهلات الثقافية والحنكة المهنية... ما يمكنه من بلوغ ذلكن مما يقتضي إخضاعها لدورات تدريسية واجتياز اختبارات نظرية وعملية قبل الدخول إلى الخدمة والعمل على تحسين معارفها وذلك بحضور دورات تدريبية أثناء الخدمة.
ونظرا لأهمية المهمة التي يقوم بها موظفو السجون فقد نصت المادة 48 على أن يجهلوا سلوكاتهم وبأن يضطلعوا بمهامهم على نحو يجعل منهم قدوة طيبة للسجناء ويبعث احترامهم لهم.
إرسال تعليق