المقاربة التشاركية كآلية من آليات الحكامة الجيدة 

   المشاركة:
 إن فكرة المشاركة ليست فكرة حديثة العهد، وإنما تجد جدورها في العديد من التشريعات القديمة، لعل أهمها الإسلام الذي جعل من مفهوم "الشورى" أحد مبادئه الأساسية، إذ أن الكثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية قد ركزت على أهمية الوظيفة الاستشارية في علاقة الحكام بالمحكومين، وأكدت على إلزام الحاكم باستشارة ممثلي الأمة، حيث أمر الله سبحانه وتعالى رسوله الكريم أن تكون المشورة في الرأي هي سبيله دائما عند اتخاذ أي قرار "....وشاورهم في الأمر". أما في العصر الحاضر، فإن تطور الحياة المجتمعية في الدول الحديثة قد جعل من المشاركة أمرا ضروريا لاستمرارية كل نظام، حيث أصبحت تتردد المطالبة بانفتاح ديمقراطي ومساهمة أكبر للمواطن في اتخاذ القرارات على جميع الأصعدة. وعلى المستوى المحلي، تعني المشاركة حق جميع المواطنين المساهمة بشكل مباشر أو غير مباشر عبر المجالس المحلية المنتخبة في وضع البرامج والسياسات العامة الموضوعة من طرف الدولة والمؤسسات المحلية حيث أن هذه الأخيرة تشرك السكان في تدبير الشأن العام المحلي الذي أصبح أمرا ملحا وشرطا ضروريا لنجاح الديمقراطية المحلية والوطنية داخل أي بلد.

فالمقاربة التشاركية هي آلية يتم تجسيدها من خلال مفهوم الحكامة الداعي لخلق فضاء للتشاور وتشكيل إطار لتبادل الآراء، من أجل العمل بشكل تكاملي على اتخاذ قرارات صائبة سواء في الجانب المالي أو الإداري، وإيجاد حلول للمشاكل المطروحة، وتحقيق الأهداف والمشاريع المشتركة، وهذا سيساهم لا محالة في إنجاح رهان التدبير الجيد للشأن العام المحلي والوطني.
تبقى إذن المشاركة، أداة لتدبير الفعالية ووسيلة للاندماج والانخراط في صنع القرار وتحسينه ومراقبته عبر الضبط والتقويم، وهي تجسد كمبدأ أساسي التدبير العمومي الجيد. وتتجلى المشاركة في تدبير الشأن السجني في مشاركة كل الفاعلين من مجتمع مدني، المؤسسات الدستورية والإدارية كالمجلس الوطني لحقوق الإنسان، اللجنة الإقليمية للمراقبة، المرصد المغربي للسجون... والمؤسسات القضائية كقاضي تطبيق العقوبات، وكذلك مشاركة الأطر والموظفين في اتخاذ بعض القرارات من خلال الندوات والأيام الدراسية...

1 تعليقات

إرسال تعليق

أحدث أقدم