مفهوم الحكامة الجيدة

مصطلح الحكامة الجيدة أصبح منذ اعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس العرش مكونا أساسيا في الخطاب السياسي المغربي سواء منه الرسمي أو غير الرسمي، الذي أخذ يلح على ضرورة اعتماد الحكامة الجيدة في تدبير الشأن العام وتنفيذ السياسات العمومية. كما أن هذا التصور الجديد الذي تخضع فيه كل المخططات والسياسات للتقييم والمراقبة، انتقل من الخطاب السياسي إلى النص الدستوري حيث احتل حيزا هاما في دستور 2011 الذي نص في فصله الأول على أن نظام المملكة يقوم على أساس الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة باعتبارها جزءا من آليات تدبير الشأن العام، وتقترن بمرتكزات أخرى كاحترام حقوق الإنسان وضمان الأمن والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.
وبالرجوع إلى مفهوم الحكامة الجيدة فقد ظهرت في هذا الإطار العديد من الإسهامات المختلفة التي يمكن من خلالها استخلاص توصيف لمفهوم الحكامة الجيدة يتضمن بعدين أساسيين:
أولهما، يضع الحكامة الجيدة في سياقها العام الذي يخدم المسار التنموي بالدول الثالثية، ذلك أن المفهوم يعبر عن العلاقة بين جهاز الدولة والحكم من ناحية، ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص من ناحية أخرى، ودور كل منهم في إدارة الدولة. ففي إطار عجز الدولة المتزايد عن تلبية احتياجات المواطنين خاصة في الدول النامية والفقيرة أصبحت مشاركة المجتمع المدني والقطاع الخاص في تحمل أعباء التنمية المجتمعية ضرورة ملحة.
ثانيهما، أنه يشير إلى مجموعة من المفاهيم التي تمثل معيارا للحكامة الجيدة أهمها الشفافية والمساءلة، الرقابة، والكفاءة وفعالية مؤسسات إدارة الدولة، والتمكين والمشاركة والتحفيز.

وعموما هناك مجموعة من التعاريف لمفهوم الحكامة الجيدة، وسوف نقتصر على تعريف الاتحاد الأوربي:
يعتمد الاتحاد الأوربي خمسة مبادئ أساسية للحكامة الجيدة: الانفتاح، المشاركة، المحاسبة، الفعالية، والتنسيق. وتشجع قواعد الحكامة الجيدة الالتزام بالقانون حيث أنه لا يمكن تفعيل قواعد الحكامة الجيدة إلا إذا كان الأفراد واعون بعواقب أفعالهم على الآخرين والإحساس بوجوب تجنب هذه العواقب. إن مجهودات الإلزام والالتزام لها القدرة على تفعيل هذه القواعد عن طريق تنبيه الأفراد بعواقب عدم الالتزام وتوضيح مسؤولياتهم اتجاه تجنب هذه العواقب، وهكذا فإن البرامج المتعلقة بإلزام القوانين والمساعدة على الالتزام يمكنها ليس فقط، أن تزيد من العناية التي يوليها الفرد للقاعدة ولكن كذلك أن تزيد من مدى تأثير تفعيل القاعدة على سلوك هذا الفرد.
وبالإضافة إلى التماشي مع القواعد الصالحة، فإن تحقيق مبادئ الحكامة الجيدة يتطلب مؤسسات مبنية على دولة القانون، يصفها الإتحاد الأوربي بالعناصر التالية:
تشريع يحترم الدستور وحقوق الإنسان.
استقلالية القضاء.
فعالية واستقلالية وسهولة الولوج إلى الخدمات القانونية.
نظام قانوني يضمن المساواة أمام القانون.
نظام السجون يحترم شخص الإنسان.
فعالية الجهاز التنفيذي وقدرته على إلزام القانون وخلق الظروف الاقتصادية والاجتماعية الضرورية للحياة في المجتمع من خلال القانون.
سلطة عسكرية مراقبة من طرف سلطة مدنية في إطار دستوري.
     وعموما، تم تعريف الحكامة الجيدة من قبل كثير من الباحثين على أنها "الطريقة التي تباشر بها السلطة في إدارة الدولة الاقتصادية منها والاجتماعية بهدف تحقيق التنمية، فالحكامة لابد أن تعتمد على عدد من المحاور الأساسية منها: صيانة الحقوق والحريات، وتوسيع المشاركة الشعبية والمساءلة الفعالة والشفافية الكاملة في ظل فصل السلطات والتوازن بينها، وسيادة القانون، وتكوين وتحفيز العاملين ونهج أسلوب اللامركزية والتنسيق بين كل المتدخلين.
     لذلك فالحكامة الجيدة، في أي مجتمع وأي مؤسسة حكومية كانت أو غير حكومية، تبقى من أهم الضروريات لإنجاح المخططات والأهداف التنموية.
     

Post a Comment

أحدث أقدم