نظام العدالة الجنائية الاجهزة ووسائل الادارة

هناك مجموعة من العلوم تتعاون كلها من أجل هدف واحد مشترك، هو كيفية التعامل مع الجريمة والمجرم، وهذه العلوم علم العقاب، علم تقويم المجرمين، علم الوقاية من الإجرام، علم العقاب وعلم النفس العقابي.

ويتكون نظام العدالة الجنائية عادة من أربعة هي :

§        الشرطة ؛

§        النيابة العامة ؛

§        المحاكم الجنائية ؛

§        المؤسسات الجنائية.

وتضم أنظمة العدالة الجنائية في بعض الدول أجهزة أخرى مثل المساعدين الاجتماعيين وتشمل فئات المحامين وجمعيات المجتمع المدني التي تقوم بدور الرعاية اللاحقة للسجناء المفرج عنهم، وهناك اتجاه حديث ينادي باعتبار المجني عليه أو المتضرر من الجريمة جزء من النظام المذكور لكون صاحب المصلحة الأولى والحق الأصيل في تحريك الإجراءات الجنائية.

ويرى أنصار هذا الاتجاه أن اشتراك المجني عليه يؤمن تحقيق العدالة وذلك بتقديم الأدلة والإسهام في كشف أبعاد الجريمة وحجم الضرر الفعلي الناجم عن الجريمة، كما أن تعرف المجني عليه على نوايا الجاني ودوافعه للجريمة قد يدفعه للتعاطف معه والتنازل عن جميع أو بعض حقوقه، الشيء الذي يخدم أغراض منع الجريمة وإصلاح المجرمين، وبخاصة المجرم بالصدفة والمجرم المبتدئ، ومن ناحية أخرى نجد رأيا يعارض ظهور المجني عليه في نظام العدالة الجنائية بهذه الصورة الواضحة، بحجة حماية المجني عليه من الضرر الذي ينجم عن النشر والإذاعة أو تعويضه للاستفزاز من الطرف الآخر.

كما تقوم أجهزة العدالة الجنائية كأجهزة رسمية مستقلة عن بعضها البعض تقنيا وإداريا، إذ يحدد القانون اختصاصات تلك الأجهزة، إلا أن الإجراءات الشكلية الخاصة بالعدالة الجنائية تجعل هذه الأجهزة متصلة ومتداخلة. وتسعى الحكومات إلى تدعيم وتطوير هذا التداخل تحقيقا للهدف المشترك لأجهزة العدالة الجنائية، حيث تختص المحاكم الجنائية بالنظر في القضايا والفصل فيها، إلا أنها مقيدة بالبلاغات التي تسجلها الشرطة، والأدلة التي تجمعها النيابة العامة، ومن ناحية أخرى فإن أداء المؤسسات السجنية يتوقف على قرارات المحاكم والعقوبات السالبة الحرية، والعقوبة بنوعها ومقدارها عي التي تحدد المؤسسات السجنية، أما النيابة العامة فلها سلطات متفاوتة، ففي بعض الدول مثل أمريكا واليابان للنيابة العامة سلطة مطلقة في إبعاد المتهم من إجراءات نظام العدالة الجنائية والفصل في الاتهام بإجراءات خاصة تقررها النيابة العامة في إطار ما يعرف بتحويل القضايا قبل إقامة الدعوى العمومية أمام المحاكم ولقد ظهرت هذه الممارسات لتفادي الظلم الجنائي الناجم عن :

  – الاعتقال الاحتياطي المبالغ فيه.

 – تراكم القضايا أمام المحاكم.

 – الاكتظاظ الذي تعرفه السجون.

 – وجود قضايا أمام القضاء قد لا تنتهي بالإدانة.

فإذا كانت الشرطة تلقي القبض لأسباب محتملة في حين أن الإدانة لا تتم إلا بناء على ما يثبت الاتهام، فإنه لا غرابة في تطبيق إجراءات قانونية خارج نظم العدالة الجنائية، تضع حلا عادلا للطرفين بما يحقق أهداف العدالة الجنائية، ويوفر الوقت والجهد للطرفين ولنظام العدالة الجنائية، ورغم اختلاف نظم التقاضي فإن أنواعها لا تخرج على :

 – النظام النيابي.

 – النظام الشخصي.

 – النظام المختلط.

وعليه نستطيع القول بأن المدخل الذي يلج منه طالب العدالة الجنائية إلى نظام العدالة الجنائية هو الشرطة أو النيابة العامة أو القضاء، والشرطة تؤدي إلى إدخال الأشخاص في نظام العدالة الجنائية، وذلك بكشفها للجرائم وضبطها للمجرمين، ويعتبر دخول نظام عن طريق الشرطة هو الغالب في معظم دول العالم، إذ تقوم الشرطة بإجراءات التحقيق وجع الأدلة والقبض على الجناة.

وتقوم المحاكم بمحاكمة المتهم وتستعين في ذلك بالنيابة العامة، ومن يقف في جانب الدفاع عن المتهم من المحاكمين أو المساعدين القانونيين الذين تنتدبهم الدولة لغير القادرين على تحمل نفقات الدفاع الخاص، وفي حالة إدانة المتهم والحكم عليه بعقوبة سالبة للحرية تبدأ مهمة المؤسسات السجنية، اما العمال الاجتماعيون فلهم دور يبدأ مع وقوع الجريمة ولا ينتهي أبدا إلا بعد إعادة إدماج الجاني في المجتمع.

وينحصر دور الباحث الاجتماعي في جمع المعلومات الاجتماعية ودراسة السيرة الذاتية لمرتكب الجريمة ولظروف ارتكابها، وتعتبر تلك المعلومات مرشدا للمحاكم في مرحلة تقدير العقوبة، كما تفيد تلك المعلومات الباحث أو العامل الاجتماعي أن يتابع المحكوم عليه أثناء وجودهم في المؤسسات السجنية، وتأمين الرعاية اللاحقة بعد الإفراج، وعلى وضع النهج الإصلاحي المناسب لتقويم المجرم.

ويقتضي مبدأ فصل السلطات أن تكون أجهزة نظام العدالة الجنائية تابعة لإحدى تلك السلطات، ففي معظم دول العالم تكون الشرطة تابعة لوزارة الداخلية المركزية أو الاتحادية حسب الأحوال، كما أن المحاكم الجنائية تتبع للهيئات القضائية المستقلة عن باقي السلطات أو تابعة لوزارة العدل، وتختلف الدول في تحديد مواقع المؤسسات السجنية التي تقع أحيانا تحت إشراف وزارة الداخلية كما هو الحال في معظم الدول العربية، بينما نجدها في الولايات المتحدة وألمانيا والسويد تحت إشراف وزارة العدل أو وزارة الرعاية اللاحقة.

ورغم تعدد النظريات وتضارب السياسات الجنائية واختلاف القوانين التي تقوم عليها أنشطة أجهزة العدالة الجنائية في العالم إلا أن هناك تقاربا في الأشكال والهياكل الإدارية لأجهزة العدالة الجنائية في معظم دول العالم.

ويرجع الفضل في ذلك في المقام الأول للأمم المتحدة في تقديرنا لأنها قامت بدور كبير في إعداد هياكل ونظم أجهزة العدالة الجنائية وبطريقة مباشرة وغير مباشرة، ومن المؤشرات الواضحة لدور الأمم المتحدة في هذا المجال ما يلي :

 – إنشاء معاهد خاصة لمنع الجريمة والعدالة الجنائية في جميع القارات لتقديم الخدمات البحثية والتدريبية في مجال العدالة الجنائية ونظمها لجميع دول العالم دون استثناء، ودون تقيد  أو تأثير التشريعات الجنائية الوطنية.

 – المواظبة على عقد مؤتمرات خاصة بمنع الجريمة ومعاملة المجرمين كل خمس سنوات وتقديم دراسات وبحوث علمية تسهم في إعدادها وإقرارها جميع الدول المنضوية تحت مظلة المنظمة الدولية.

 – إعداد وإقرار معايير وموجهات عامة لمن الجريمة وتحقيق العدالة الجنائية وإلزام الدول الأعضاء بتقنين تلك المعايير والتوجيهات العامة من خلال التشريعات الوطنية،، ومن تلك التوجيهات :

                                 -     قواعد الحد الأدنى لمعاملة السجناء ؛

                                - قواعد وموجهات منع الجريمة والعدالة الجنائية؛

                                   -  قواعد الحد الأدنى لإدارة عدالة الأحداث ؛

                               -  قواعد سلوك ضباط تطبيق القانون ؛

                              -   إعلان الحقوق الأساسية لاستعمال الأسلحة النارية بواسطة أجهزة العدالة الجنائية

                                 -  القواعد الأساسية لدور المحامين في تحقيق العدالة.

 – إنشاء مفوضية متخصصة لمنع  الجريمة وتحقيق العدالة الجنائية في المنظمة الدولية لإدارة وتطوير العمل الجنائي والعدلي وتقديم الدعم التقني للدول الأعضاء.

 – إعداد دراسات ميدانية حول أجهزة العدالة الجنائية بمختلف دول العالم ومتابعة حجم الأجهزة ونظم إدارتها بجانب حجم الجرائم وطرق مكافحته، ونشر تلك المعلومات على الدول الأعضاء بجميع اللغات الحية الشيء الذي ساعد في توحيد هياكل أجهزة العدالة الجنائية ومسمياتها وإجراءاتها القانونية والشكلية.

2 تعليقات

إرسال تعليق

أحدث أقدم