دور المجتمع المدني في تأهيل السجين وإعادة إدماجه
أصبح الحديث عن المجتمع المدني يكتسي أهمية بالغة نظرا للدور الحيوي الذي يقوم به وللحركية التي يعرفها على جميع المستويات بشكل طبيعي وبحرية بعيدا عن أي تأثير من سيادة الدولة، فالمجتمع المدني عبارة عن مجموعة من الفعاليات غير الحكومية من شخصيات ومن منظمات وهيآت ونقابات وجمعيات، التي تسعى إلى الرفع من مستوى الحياة العامة للمواطنين في كل المجالات.ولكي تحقق هذه الفعاليات مساعيها بالشكل المرغوب فيه يتعين عليها بذلك عناية كبيرة في إقناع السلطات بجدوى أنشطتها حتى يتأتى لهذه الأخيرة الانخراط بشكل فعال في الشروع المراد تحقيقه. وذلك بتزويدها بالمساعدات المالية والمادية الضرورية لإنجاحه.إن الحركية التي يعرفها المجتمع المدني بمختلق مكوناته ماهو إلا نتيجة للفقزة النوعية التي عرفها ميدان حقوق الإنسان في إطار صيرورة دولية ومحلية ساهمت في بلورته عطاءات إنسانية وفكرية واجتهادات المهتمين بالشأن الحقوقي، فانصب الاهتمام على تحسين ظروف السجن. كواقع مؤلم في حد ذاته وتحويله من فضاء للعقاب إلى فضاء لإعادة التربية والتهذيب وهوما عمل التشريع الجديد للسجون على ضمانه. وفي هذا الإطار كان الحرص على أن يتضمن التشريع الجديد فتح بوابات المؤسسات السجنية في وجه المهتمين بالمجال الحقوقي من جمعيات ومنظمات بغية إشراكها في هذا العمل، وهذا ما نصت عليه المادة 49 من القانون المنظم للسجون. ومن أجل ترسخ المعرفة والوعي بحقوق السجين داخل المؤسسة السجنية مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصياته وحاجياته المادية والعاطفية المناسبة لسنه وزيارة المحرومين من الزيارة بحكم اليتم أو انفصام أواصر المودة مع المحيط العائلي. ومن بين الآليات التي تعتمد عليها حاليا مختلف مكونات المجتمع المدني هو القيام بالأبحاث والدراسات المعززة بالزيارات الميدانية واستطلاعات الآراء، مما يقرب الجهات الرسمية من الواقع المعاش دون الحاجة إلى بذل الجهود من أجل إنجاز ذلك أمام تعدد المسؤوليات الملقاة على عاتقها. إضافة إلى أن أعمال الفعاليات الغير الرسمية تكون أبحاثها ودراستها الميدانية أكثر مصداقية من تلك التي يمكن أن تتولاها الجهات الرسمية ومساهمة منها في تحسين تطبيق القانون المتعلق بتنظيم وتسيير المؤسسات السجنية باعتباره الحجر الأساس في حماية حقوق النزلاء وترسيخه روحا وجوهرا تتولى هذه الجمعيات رصد خروقات التي تتعرض لها مراكز تنفيذ العقوبة عن طريق المعاينة والشكايات التي ترد على الجمعيات المعنية بحقوق السجناء والتي غالبا منا تتضمن مظاهر الانتهاكات والخروقات التي استهدفت كرامة النزيل ومن جانبها تعمل على دراسة هذه الشكايات وتبليغها إلى الجهات المسؤولية لتلقي جواب عن ذلك محاولة لإصلاح الوضع وتجاوزه، واتخاذ ما ينبغي من التدابير حتى لا تتكرر هذه الممارسات مرة أخرى.
وفي هذا الإطار نشير إلى الدور الحيوي الذي لعبه المجلس الاستشاري في إخراج القانون الجديد للسجون الذي لعبه المجس الاستشاري في إخراج القانون الجديد للسجون. الذي حاول التغلب على المشاكل المادية والقانونية للمؤسسة السجنية بالمغرب انطلاقا من المقترحات التي تقوم بها والتي تنضوي تحت شعار عام هو صيانة كرامة السجناء بصفة عامة والتقيد بالاتفاقيات والمواثيق الدولية.
كما تأسست جمعيات جعلت من مهامها انفتاح المؤسسة السجنية على المحيط الخارجي إيمانا منها بأن انحراف السجناء ما هو إلا نتيجة ظروف اجتماعية وتربوية معينة، يتحمل فيها المجتمع نصيبه من المسؤولية وبالتالي لا بد له أن يعمل على مساعدة الإدارة في مجال رعاية وتأهيل السجناء وأن هذه الفئة تترك جرمها خارج أسوار المؤسسة. إلى جانب هذا يجب الأخذ بأيدي المفرج عنهم وعدم نبذهم من المجتمع حتى لا يعودوا للجريمة مرة أخرى ويصبحوا معاول للهدم بدلا من البناء، فيجب تأهيلها نفسيا ومهنيا وإيجاد الوظائف المناسبة لهم وتشجيعهم على الاستمرار في تلك الوظائف، إضافة إلى أن هناك وجود لجان وطنية لرعاية السجناء وأسرهم في جميع مناطق المملكة، ويمكن للمؤسسات وأفراد المجتمع المدني مساعدة هذه الفئة بدعمها ماديا ومعنويا. فلجان رعاية السجناء مكونة من العديد من الأجهزة الحكومية التي لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة لرعاية هذه الفئات والتعامل معها مثل: الشؤون الاجتماعية والشؤون الإسلامية والشؤون الصحية والتربية والتعليم ووزارة الإعلام ووزارة العدل وعن ثقافة المجتمع في نظري مازالت ضعيفة تجاه مساعدة السجناء وكذلك المفرج عنهم. إن نظرة الرفض المجتمعي للسجناء المفرج عنهم تسبب لهم أزمات نفسية متعددة. فالسجين اقترف جريمة وطبقت بحقه عقوبة وهي وسيلة تأديبية و إصلاحية، فلا يجب أن يكون المجتمع قاسيا عليه فيرفضه بشكل دائم، بل الواجب تعزيز مبدأ التسامح والعفو ومساعدته بالأخذ بيده إلى الطريق القويم وإعطائه فرصة العمل بعد تأهيله نفسيا ومهنيا وتوظيفهم وتشجيعهم للاستمرار بالعمل. وذلك من قبل القطاع الخاص بالمؤسسات والشركات والبنوك وكذلك الأجهزة الحكومية.
إرسال تعليق