التهذيب الديني والأخلاقي للسجناء بالمؤسسات السجنية

 

التهذيب الديني يقصد به تربية السجين وتثقيفه في امور وتعاليمه  دينه من خلال غرس القيم الدينية والروحية النبيلة لديه والعمل على نزع ونبد القيم الاخلاقية الفاسدة من نفسه ،واحلال قيم جديدة مثفقة مع السلوك الاجتماعي القويم بدلا عنها ، تدعو الى التسامح والمحبة والاخاء،وبالتلي مساعدته على تكوين شخصيته لكي يسلك في المجتمع  على الوجه المطابق للقانون.

يعتبر من أهم أساليب المعاملة العقابية للحدث الجانح  الهادفة إلى إصلاح و تقويم سلوكياته حتى يكتمل إدراكه من خلال تعرفه على الواجبات المختلفة التي يتعين أن يتقيد بها مقابل الحقوق التي يكفلها له المجتمع، فعادة هؤلاء النزلاء الأحداث ما ينشاؤن في بيئات غير سليمة ويتميزون بضعف الوازع الديني أو انعدامه مما يكون عاملا إجراميا بالنسبة لبعضهم  وبالتالي كان لابد من إرساء هذا الوازع في وجدانهم وإحلال القيم النبيلة محل القيم الفاسدة لديهم، خصوصا ونحن نعلم  إن الدين يهذب النفوس ، ويدعو إلـى التحلـي بمكـارم الأخلاق والصفات الحميدة كالطموح والاعتماد على النفس، ويشكل الـدين حجـر الأساس في البرامج التأهلية الإصلاحية، ويؤثر تأثيراً ايجابياً على نفـسية الحدث الجانح ، ويحول بينه وبين ارتكاب الخطيئة أو الجريمة ويساعد على الوقاية مـن الجريمـة، والحد من انتشارها، والبرامج الدينية تتمثل في الوعظ الإرشادي وقـراءة القـرآن الكريم والتفقه بالحديث والسنة وحضور الدروس الدينية الإرشادية بهـدف تـرويح النفس وبث الطمأنينة في نفس النزيل خلال فترة تنفيذ العقوبة  حتى يعودوا للمجتمع أفراد صالحين.

ويرتكز التهذيب الديني على فكرة التوبة التي تعتبر نواة التأهيل الحديثة، فيتضمن تعليم المحبوس قواعد دينه وتذكيره بأصول الدين التي تربطه بخالقه و بمبادئ ، إضافة إلى ذلك حظه على اقامة الشعائر الصدق و المحبة و الأمــن و السلام، لأن من الأسس العامة في معاملة السجين في الاسلام أنه لا يمنع من أدائه للشعائر الدينية مطلقا و المتمثلة في العبادات.

وللتهذيب الديني أهمية خاصة في مقاومة الجريمة، حيث أن كثيرا من مرتكبي الجرائم يرجع إجرامهم إلى نقص الوازع الديني، ومن ثم يكون من شأن التهذيب الديني استئصال العامل الإجرامي لدى هؤلاء، لأن الدين له سيطرة على النفوس، ويستند إلى تقاليد عريقة، وهو مصدر لقيم وأفكار عديدة تسود في  المجتمع، وتعاليمه واضحة، وفكرة الجزاء فيه بارزة

كما أن  إبراز القيم الأخلاقية للنزيل الحدث وإقناعه بها وتدريبه على أن يستمد منها معايير السلوك في المجتمع ثم يلتزم بها، ويعتمد التهذيب الخلقي على قواعد علم الأخلاق، ولكن يفترض تبسيطها بإضفاء طابع تطبيقي عليها، بحيث تتضح لمدارك السجناء، ويتأصل لديهم ضمير الحرص عليها

والتهذيب الاخلاقي  يراد به اظهار القيم الأخلاقية للمحكوم عليه و اقناعه ا و تدريبه على أن يستمد منها معايير السلوك في المجنمع ، ثم يلتزم بها فتباعد بينه و بين طريق العودة إلى الإجرام ، وأهم ما يعتمد عليه التهذيب الأخلاقي قواعد علم الأخلاق.

وللتهذيب الخلقي أهمي بالنسبة للسجناء الذين لا يحتل الدين في نفوسهم مكانه الطبيعي، فيكون مخاطبتهم بالوازع الخلقي هو الأقرب إلى عقولهم ومفاهيمهم، كما له أهمية بالنسبة لمن يسيطر الوازع الديني عليهم، ولا يقتصر التهذيب الخلقي على السلوك الخارجي والعمل على مطابقته للقيم الاجتماعية وإنما  يتجه إلى أعماق النفس كي تكون هذه المطابقة صادرة عن اقتناع وتبني نفسي لهذه القيم.

وتعهد المؤسسات السجنية  هذه المهمة للوعاظ المختارين بدقة لأدائها والتي تعد على درجة كبيرة من الأهمية في سبيل إصلاح الأحداث الجانحين،وذلك  بتنسيق مع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية والمجالس العلمية ، حيث ان مهمة الواعظ هي ابراز القيم الدينية السليمة لهم وتغيير مفاهيهم الخاطئة ونظرتهم السوداء للحياة.

وتستعين المؤسسات السجنية على  بث التهذيب الديني والأخلاقي في نفوس الأحداث الجانحين من خلال إلقاء الدروس الدينية التي تتضمن شرح مبادئ الدين ، والدعوة إلى التمسك بها، وبيان الرذائل المنهى عنها والحث على البعد عنها، وبالإضافة إلى محاضرات وندوات توجيهية وحلقات نقاش ، وحفظ  وتفسير القران الكريم ،كما قد تجر ى بعض المسابقات الدينية بين النزلاء وذلك لخلق روح التنافس الشريف بينهم على التثقيف الديني والاهتمام بشؤون دينهم.

ونظرا لأهمية التهذيب الديني والأخلاقي بالمؤسسات السجنية ، فقد نصت المادة 107 من المرسوم التطبيقي للقانون المنظم للسجون " يستقيذ جميع المعتقلين المسلمين من التعليم الديني الذي يبرمج بتنسيق مع الجهة الحكومية المكلفة بالشؤون الإسلامية" كما نظم المشرع  الشعائر الدينية بالنسبة لغير المسلمين من خلال المادة 108 من نفس المرسوم.

وأكدت على هذه الأهمية  المادة 42 من القواعد الحد الأدنى  في قولها " يسمح لكل سجين، بقدر ما يكون ذلك في الإمكان، بأداء فروض حياته الدينية بحضور الصلوات المقامة في السجن، وبحيازة كتب الشعائر والتربية الدينية التي تأخذ بها طائفته."

وعلى العموم تسهم هاته البرامج الدينية في تأهيل النزلاء الأحداث وتساعدهم على زيادة الثبات الانفعالي لديهم وتحقيق توافقهم النفسي والاجتماعي من خلال التمسك بالقيم الدينية والاجتماعية مترابطة مما يساعدهم على  تغير وتعديل  أفكارهم وطباعهم وأنماطهم السلوكية واتجاهاتهم الاجتماعية الخاطئة إلى سلوكيات واتجاهات مقبولة في المجتمع.


 

4 تعليقات

  1. موضوع حلوا... مدونة جميلة وفيها معلومات ونصائح قيمة...

    ردحذف
  2. موضوع ممتاز شكرا على الطرح الممتيز

    ردحذف
  3. انا صدق المعلومات اتمنى لك التوفيق صديقي

    ردحذف

إرسال تعليق

أحدث أقدم