السجل العدلي كمعيق قانوني لاعادة ادماج السجناء 


 سعت مختلف الدول و التشريعات على إحداث مؤسسة السجل العدلي خدمة للمؤسسات القضائية كآلية من خلالها يتم اطلاع هاته الأخيرة على السوابق الجنائية المحكوم عليهم لتقدير درجة خطورتهم و احترافهم للإجرام و ذلك صيانة للمجتمع و الدولة على حد السواء , هذه الآلية ادا كانت تنفع المؤسسة القضائية من جهة فهي تقوم بدور سلبي من جهة ثانية لأنها تذكرهم دائما بفترة عصيبة مروا بها و تعتبر كذلك أداة لعرقلة   جهود إعادة الإدماج بالنسبة للأشخاص الذين قضوا مدة السجن   داخل المؤسسات السجنية أو المؤسسات الإصلاحية , إذ يعتبر بمثابة عقوبة جديدة قد تكون أكثر قسوة وأكثر خطرا في حياتهم من العقوبة الأصلية.
وقد كثر الجدال حول تحديد طبيعة السجل العدلي ، فاتجاه يرى السجل مجرد وثيقة إدارية تم ابتكارها من أجل ضمان حماية المجتمع والدفاع عن مصالحه في مواجهة طبقة المجرمين من خلال تعرف السلطات القضائية على فئة المحكوم عليهم ذوي السوابق القضائية وذلك للتمكن من التطبيق المحكم لقواعد العود وتشديد العقوبات ، وفي نفس الوقت منح الفرصة للمؤسسات العمومية والخاصة من معرفة هوية الأفراد العاملين لديها فهو بمثابة دفتر للحالة المدنية الذي يمثل دعامة أساسية في تنظيم المجتمعات.
       بينما يرى اتجاه آخر أن السجل العدلي عقوبة إضافية ذلك أن العقوبة التي تصدر بمقتضى حكم قضائي تؤثر سلبا على حياة الحدث الجانح فتصيبه في حياته عن طريق تجريده من حريته، أما تسجيل الأحكام الصادرة بالإدانة في بطائق السجل العدلي فإن أثرها يكون عميقا إذ يتجاوز مرحلة تنفيذ العقوبة فيستحيل على المحكوم عليه التخلص منها، ما دامت ستطارده في سمعته ومستقبله وحرمانه من ممارسة العديد من الحقوق الأساسية.
فالسجل العدلي بهذه الطبيعة يكون أكثر خطورة من حالة الحرمان من الحرية خاصة وأن حدة آثار السجل العدلي تتسع عند التمييز بين فئة الأشخاص الشرفاء وفئة الأشخاص من الدرجة الدنيا الموصومين بسوابقهم الجنائية كيفما كانت طبيعة الجريمة المرتكبة. 
و لقد حرص المشرع المغربي على تنظيم مؤسسة السجل العدلي بطريقة تتلائم و الوظيفة التي أردها المشرع من خلال البطائق الثلاث حتى تكون   واضحة سواء في طريقة ترتيبها أو تحريرها أو الاطلاع عليها.
و لكن بالرغم من ذلك نلاحظ مجموعة من الأمور التي تبقى عائقا أمام إعادة الإدماج.
 فمن خلال الرجوع إلى مقتضيات السجل العدلي في قانون المسطرة الجنائية  , يتبين جليا مجموعة من النواقص و العقبات هي كالتالي :
إن قانون المسطرة الجنائية أوجب تسجيل الأحكام الصادرة عن الهيئات المختصة بالأحداث في سجل يمسكه كاتب الضبط ولا يكون في متناول العموم  ويحتوي هذا السجل العدلي على مقررات الحماية والتهذيب المتخذة في حق الأحداث  لكن الملاحظ عن هذه المقتضيات الخاصة بتنفيذ الأحكام والمدرجة في القواعد الخاصة بالأحداث ، عدم إشاراتها إلى كيفية تسجيل الأحكام الصادرة بعقوبة سالبة للحرية في حق الأحداث، وهو ما تجاهلته كذلك المقتضيات الخاصة بالسجل العدلي الواردة في قانون المسطرة الجنائية حيث اكتفت بالإحالة إلى المادة السالفة الذكر فيما يتعلق بالمقررات المتخذة في حق الأحداث والتي يتعين وضعها في البطاقة رقم1، هذه الأخيرة تعتبر الدعامة الأساسية للسجل العدلي لأنها تستقبل أنواعا معينة من الأحكام والقرارات قام المشرع بتحديدها على وجه الحصر ( ، وهو ما يدفعنا للقول بأن العقوبة المتخذة في حق الحدث تسجل في السجل العدلي وفقا للمقتضيات العامة .
 أكدت المادة 507 من ق.م.ج. لقاضي الأحداث وبعد انصرام أجل ثلاث سنوات ابتداءا من يوم انتهاء مدة تدابير الحماية والتهذيب ، إذا تأكد حسن سيرة الحدث أن يأمر بإلغاء البطاقة رقم 1 التي تتضمن التدابير المتخذة في حقه إما تلقائيا أو بناءا على طلب النيابة العامة أو من الحدث أو ممثله القانوني أو الوصي عليه أو كافله أو الشخص أو المؤسسة المكلفة برعايته، وتأكيدا على حق الحدث في إلغاء محتويات هذه البطاقة أجازت نفس المادة إمكانية الطعن بالاستيناف أمام الغرفة الجنحية للأحداث لدى محكمة الاستيناف في مقرر القاضي برفض الطلب، وفي حالة صدور الأمر بالإلغاء تتلف البطاقة رقم 1 المتعلقة بالتدبير، ونفس التوجه كرسته المادة 663 من ق.م.ج. التي تقضي بأن البطاقة رقم 1 تسحب من السجل العدلي وتتلف إذا أمرت هيئة قضائية بحذف البطاقة رقم 1 طبقا للمادة 507 من قانون المسطرة الجنائية. 
لقد فعل المشرع خيرا في هاته المواد حينما قرر إلغاء البطاقة رقم 1 بعد مرور زمن معين   ابتداء من يوم انتهاء التدبير ,      وفي هذا الإطار يثار التساؤل حول مدى استفادة الحدث المحكوم عليه بعقوبة سالبة للحرية من هذه المقتضيات ومن ثم اعتبار العقوبة والتدبير من طبيعة واحدة فيما يتعلق بالأحداث خاصة وأن هذه الأخيرة تطبق بشكل استثنائي؟
       إن المشرع لم يتناول هذه النقطة، لكن الممارسة العملية لتسجيل الأحكام الصادرة في حق الحدث تسير في اتجاه إخضاعه للمقتضيات العامة حيث لا يبقى أمامه سوى صدور عفو شامل يمحو العقوبة المضمنة في البطاقة.
إضافة إلى دلك   تتار نقطة أخرى ذات أهمية كبرى ألا وهي حالة ارتكاب نفس الحدث الذي تم إلغاء البطاقة رقم 1 جريمة هنا هل على القاضي اعتباره في حالة عود أم يبث في النازلة دون أن ياخد بعين الاعتبار الجرائم القديمة و في هذا الصدد نجد أن الدول المتقدمة لا تحاسب الحدث بالجرائم التي ارتكبها حتى بلوغ سن 18 سنة .
لهدا نأمل من المشرع المغربي أن يتدارك هذه الهفوات لما فيه صالح لحقوق الحدث من خلال إعادة صياغة فصول جديدة تنضم السجل العدلي الخاص بالأحداث .

و إذا كان المشرع قد نضم فصول بارزة للسجل العدلي فانه بالمقابل لم ينظم فصولا للرعاية   اللاحقة الشيء الذي يعرقل سياسة إدماج الأحداث في حظيرة المجتمع .

1 تعليقات

إرسال تعليق

أحدث أقدم