المقاربة القانونية لإعادة إدماج السجناء الاحداث من خلال قانون المسطرة الجنائية  

           لقد أولى قانون المسطرة الجنائية الجديد  اهتماما بالغا للأحداث لم يكن معهودا في القانون القديم ، ولعل ذلك مرده إلى كون الحدث ناشئة ما تزال تحتاج إلى التربية والتكوين  ولذلك جعل قانون المسطرة الجنائية الجديد من أولوياته حماية الحدث حتى لا يقع في براثين الجريمة وحتى إذا ارتكب الجريمة عمل على إصلاحه وإعادة إدماجه حتى يعود صالحا إلى أسرته ومجتمعه.

اصلاح السجين الحدث من خلال قانون المسطرة الجنائية

وتتجلى المقاربة القانونية الإصلاحية الإدماجة  التي اعتمدها قانون المسطرة الجنائية الجديد في المعاملة الفارقية  التي تعامل بها مع الحدث واعتماد مبادئ التكريم والعناية التي أقرتها الشريعة الإسلامية للإنسان عموما وللطفل على وجه الخصوص. حيث رفع سن الرشد الجنائي إلى 18 سنة حتى يستفيد الأحداث من ضمانات هامة تساعدهم على الإدماج والإصلاح. وهدا يلاءم المشرع المغربي قوانينه الداخلية مع أحكام المعايير الدولية التي كان من السباقين إلى الانضمام  إليها، ويعتبر قانون المسطرة الجنائية الصورة البارزة لها والوجه الناطق للمغرب وذلك من خلال إحداث قضاة ونيابة عامة وضباط شرطة خاصين بالأحداث أضف إلى دلك التدابير التي نص عليها سواء منها    تدابير الحراسة المؤقتة أو تدابير الحماية والتهذيب، وكدا توسيع دائرة الشركاء المتدخلين لفائدة حماية الحدث ومن ذلك الآباء والأوصياء والكفلاء، وكل شخص جدير بالثقة بالإضافة إلى المؤسسات والمصالح العمومية والخصوصية المهتمة بالطفولة  ومن الضمانات التي يستفيد منها الحدث في ظل ق م ج ج من أجل إعادة إدماجه عدم إيداع الحدث الذي يقل سنة عن 12 سنة بالسجن بصفة قطعية والحدث الذي يتجاوز سنه 12 يمكن إيداعه بالسجن لكن بصفة استثنائية وهذا تدبير ضروريا هام لإعادة إدماج الحدث خاصتا و نحن نعلم ما يرتبه السجن من أضرار و ما ينتجه من سلوكيات  انحرافيه، وبسلوك المشرع هذا النهج يكون قد وضع في أولوياته إعادة إدماج الحدث بطريقة غير مباشرة. وحتى في الحالة الاستثنائية التي يدخل فيها الحدث المؤسسة السجنية فإن المشرع أحاطه بمجموعة من الضمانات (سوف نتطرق لها عند الحديث عن المقاربة القانونية لإعادة الإدماج في القانون المنظم لسجون).   هذا بالإضافة إلى إلزامية القانون فصل قضية الحدث عن الرشداء المشاركين أو المساهمين ، والحفاظ على سرية جلسات الأحداث وسجلاتهم وخصوصية السجل العدلي الخاص بهم ، و إحداث قاضي تنفيذ العقوبة حتى يستطيع متابعة حالة الأحداث داخل المؤسسات السجنية و مدى تفاعلهم مع المعاملة التي يخضعون لها داخل هده المؤسسات.

ولم يقتصر المشرع المغربي في ق م ج ج على إعادة إدماج الأحداث الجانحين بل تعداها إلى إعادة إدماج الأطفال الموجودين في وضعية صعبة ويعتبر من أهم المستجدات التي طالعنا بها المشرع في قانون المسطرة الجنائية و المتمثلة في تدابير الإصلاح وإعادة الادماج التي خصهم بها حتى يستطيعوا أن يخرجوا من الحالة التي هم عليها المتدحرجة بين الحالة السوية والجنوح. ولم يقف المشرع المغربي عند هذه الفئة من الأطفال بل تعداها إلى إعادة إدماج الأطفال ضحايا جنايات أو جنح الذين يكونون في وضعية أكثر من غيرهم لإعادة الادماج نظرا لما خلفه ما كان تسبب في جعلهم ضحايا من آثار نفسية تطاردهم طيلة حياتهم. إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو هل المشرع المغربي في قانون المسطرة الجنائية بمقتضياته الجديدة الخاصة بالأحداث المتضمنة في الكتاب الثالث من نفس القانون   استطاع إعادة إدماج الأحداث سواء الجانحين أو في وضعية صعبة أو الضحايا ؟ وهل هذه النصوص كافية لتحقيق هذه الغاية ؟

الجواب على هذا السؤال يستدعي منا الوقوف على الواقع التطبيقي لهذه المقتضيات والتي يستشف منها أنها لم تستطع تحقيق هذا المبتغى وهذا راجعا في اعتقادنا وفي نظر جميع المهتمين بالمجال الحقوقي عموما وقضايا حقوق الأطفال على وجه الخصوص ليس إلى النقص القانوني بل إلى التطبيق العملي لهذه النصوص وإلى عوامل خارجية منها ما هو مادي ومنها ما هو معنوي .

Post a Comment

أحدث أقدم